كلمة ألقاها صاحب السمو الآغا خان, هيوستن، الولايات المتحدة الأمريكية · 6 نوفمبر 2025 · 6 دقائق
IPL / Akbar Hakim
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة أعضاء الكونغرس الأمريكي المحترمون،
السادة أعضاء الهيئة التشريعية في ولاية تكساس المحترمون،
السادة أعضاء السلك الدبلوماسي،
السادة المسؤولون المنتخبون،
معالي جون وايتمير، عمدة مدينة هيوستن،
أيها الضيوف الكرام،
سيداتي وسادتي،
يسعدني، أنا وأفراد أسرتي، أن نكون معكم اليوم في افتتاح هذا المركز الإسماعيلي هنا في هيوستن. فهو يمثّل محطةً تاريخيةً للمجتمع المسلم الإسماعيلي في الولايات المتحدة.
أود أن أبدأ بتوجيه الشكر إلى العمدة وايتمير على دعوته الكريمة لزيارة هذه المدينة العظيمة، وعلى دعمه القوي لهذا المشروع، وعلى تشريفنا بحضوره اليوم.
كما أُعرب بحرارة عن تقديري لمساهمات أسلافه، العُمَد بيل وايت، وأنيس باركر، والراحل سلفستر تورنر، فضلًا عن إسهامات قادة المدينة الآخرين، الذين كان لتشجيعهم دورٌ بالغ الأهمية في جعل هذا المركز حقيقة قائمة.
وأتقدّم بالشكر إلى العديد من القادة السابقين والحاليين في ولاية تكساس، وإلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وأعضاء الكونغرس، وأعضاء الهيئة التشريعية في الولاية، وممثّلي الحكومة الفدرالية، وكذلك إلى جميع أصدقاء المجتمع الإسماعيلي، الذين يضفي حضورهم هنا مزيدًا من الخصوصية والمعنى لهذا اليوم.
اختار والدي الراحل هيوستن لتكون موقع أول مركز إسماعيلي في الولايات المتحدة. لقد كان اختيارًا طبيعيًا للغاية؛ لأن هذه المدينة ظلت، لعقود، موطنًا لمجتمع إسماعيلي كبير، ومقرًا لمؤسساتنا الإسماعيلية في الولايات المتحدة. إنها أيضًا مدينة عالمية، ترحب بالناس من جميع أنحاء العالم وتقدم لهم الصداقة، مما يمكّنهم من الازدهار في أي مجال من مجالات سعيهم وعملهم.
وقد ازدهر الإسماعيليون الأمريكيون هنا، تمامًا كما ازدهروا في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، من خلال تأسيس الأعمال، وحفزوا الابتكار، وساهموا في الاكتشافات العلمية، وشاركوا في تعليم الأجيال الشابة، وكانوا ببساطة جيرانًا وأصدقاء صالحين. وكل ذلك أصبح ممكنًا بفضل روح الانفتاح وتكافؤ الفرص التي جعلت من هذا البلد، على الدوام، أرضًا للفُرص.
لطالما ارتكزت العلاقات بين الإسماعيليين والمجتمعات التي يعيشون فيها على أساس التفاهم والهدف المشترك. واليوم، نُكرّم هذا التقليد من خلال مدّ يد الصداقة إلى الجميع، بغضّ النظر عن خلفياتهم أو معتقداتهم. قد يُطلق على هذا المبنى اسم المركز الإسماعيلي، لكنه ليس مخصّصًا للإسماعيليين وحدهم، بل هو مكانٌ لجميع سكان هيوستن، ومفتوحٌ أمام كل من ينشد المعرفة والتأمل والحوار.
يُعد المركز الإسماعيلي في هيوستن السابع ضمن مجموعة من المراكز المنتشرة في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأمريكا الشمالية. وتؤدّي هذه المراكز العديد من الأدوار؛ فإلى جانب كون الصلاة الجماعية اليومية محورًا أساسيًا فيها، فإنها تسعى أيضًا إلى تعزيز تبادلٍ حيّ للأفكار، وتنميةِ الفهم المتبادل بين الشعوب من مختلف المجتمعات والأديان.
ولهذا السبب، يضمّ هذا المركز مسرحًا، ومساحاتٍ للمعارض، وملعبًا رياضيًا، ومناطقَ للعب الأطفال، وقاعاتٍ للمؤتمرات، وفصولًا دراسية، وحدائقَ طبيعية ليستمتع بها الجميع. ونأمل بصدق ألا تجلب المرافق والأنشطة المقدَّمة هنا الفرح فحسب، بل أيضًا التعلم وفرصًا جديدة. وسواء أكان ذلك من خلال استضافة العروض الفنية، أو إطلاق الكتب، أو تقديم الحفلات الموسيقية، أو الترويج للفنانين المحليين، أو تنظيم برامج تدريبية، فإن هدفنا هو توفير إيقاعٍ مستمر من الفعاليات التي تثير الفضول، وتعزّز التفاهم، وتشجّع على التبادل. وسيعتمد أي تأثير إيجابي اعتمادًا كبيرًا على الصداقات، والشراكات، والحوار البنّاء مع الحكومة، والمجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات الثقافية والدينية، والجيران، وغيرهم.
غير أن المباني، مهما كانت لافتة، تبقى بلا أثر ما لم تخدم مجتمعاتها. وآمل بعمق، من خلال تفاعلكم ومشاركتكم، أن يبثّ هذا المركز الأمل في النفوس ويوسّع الآفاق؛ وأن يجمع بين الناس، ويقوّي الروابط، ويساعدنا جميعًا ــ معًا ــ على جلب السعادة والانسجام للمجتمعات هنا وفي أماكن أخرى.
يسرّني حضور ممثّلي الجماعات الدينية من هيوستن ومناطق أخرى في الولايات المتحدة معنا اليوم. وأود أن أطلب منكم أن تعتبروا هذا المبنى موردًا متاحًا للجميع، علّه يُسهم في جمعنا حول القيم المشتركة التي توحّدنا، لما فيه خير الإنسانية. فهذا المبنى يُجسّد رمزًا للأمل والطموح.
يتميّز المجتمع الإسماعيلي بتنوّعه الكبير، وهو يعيش في عشرات البلدان. وكمسلمين، يعلّمنا إيماننا أن نولي التعدّدية اهتمامًا عميقًا. وبالنسبة لنا، فهي ليست فكرة مجرّدة، بل أخلاق عملية نعيشها كل يوم. ولكي يكون للتعدّدية معنى، يجب أن تُمارَس فعليًا من خلال الاستعداد لاحترام الآخرين وتقديرهم والتعلّم منهم. إن إيماننا دعوةٌ لبناء الجسور والتفاعل مع العالم من حولنا، خارج حدود مجتمعنا. فالتنوّع البشري هو في حدّ ذاته هبة من الله. وآمل أن يجسّد هذا المركز هذه الروح.
كما يعلم الكثير منكم، كان والدي الراحل شغوفًا بالعمارة، ولا سيما بتلك المباني والفضاءات التي تستمدّ إلهامها من مصادر المعرفة وتُلهم كل من يستخدمها. وقد أولى اهتمامًا شخصيًا عميقًا بتصميم هذا المبنى وحدائقه.
لقد عمل عن كثب مع المعماريين ومصمّمي المناظر الطبيعية، تمامًا كما فعل في العديد من المشاريع المميّزة التي كلّف بتنفيذها خلال حياته. ويُعدّ هذا المركز آخر تلك الأعمال البارزة التي تصل إلى مرحلة الإنجاز، وقد خصّصه ليكون مشروعًا لإحياء ذكرى يوبيله الماسي.
سوف تكتشفون أن إيوانات هذا المبنى وحدائقه، وشرفاته وزواياه الداخلية، وساحاته المركزية وباحاته، تستحضر أماكنَ وأفكارًا من مختلف أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه تربط المركز ماديًا بالجمال الطبيعي لبافالو بايو وبالممر الثقافي لمدينة هيوستن. ويقف هذا المركز إلى جانب مؤسسات بارزة مثل مجموعة مينيل، وكنيسة روثكو، وجمعية آسيا، ومتحف الفنون الجميلة، وغيرها من المؤسسات التي تجعل هذه المدينة عاصمةً ثقافية.
أنا فخور بأن هذا المركز قد بُني وفقًا لمعيار الريادة في تصميم الطاقة والبيئة ــ المستوى الذهبي (LEED Gold)، بما يعكس التزامنا برعاية الأرض، وهي قيمة يفرضها علينا إيماننا.
يعتبر هذا المشروع مسعىً معقّدًا، تطلّب الاستشارة والتعاون والمثابرة من كثير من الأشخاص على مدى سنوات طويلة.
أطلب منكم أن تنضمّوا إليّ في التعبير عن تقديرنا الحار لمهندسة التصميم الرئيسة فرشيد موسوي؛ ومهندس المناظر الطبيعية توماس وولتز؛ ومهندس الإنشاء حنيف كارا؛ والمهندس المسؤول المعتمد بول ويستليك؛ وشركة ماكارثي للمقاولات الإنشائية؛ وكل فرد من أعضاء فرقهم؛ وللعديد من الحرفيين والمتخصصين الذين عملوا في هذا المشروع بمهارة وتفانٍ.
أودّ أيضًا أن أُشيد بفريق المشروع الذي أشرف على هذا الجهد المعقّد بكل عناية ومثابرة. فقد حوّل جهدهم الجماعي هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
بإعجابٍ عميق، أقدّم تحيّةً خاصةً إلى عمّي، الأمير أمين، الذي كان لإرشاده والتزامه ومتابعته الشخصية الدقيقة، على مدى سنوات طويلة، دورٌ محوريّ في إنشاء المراكز الإسماعيلية حول العالم، وفي هذا المركز الإسماعيلي هنا في هيوستن. لقد كان مشاركًا بعمق في هذا المشروع، منذ اختيار المهندس المعماري مرورًا بمرحلة التصميم والتطوير. وكان حضورُه دائمًا منتظمًا في هذا الموقع وفي مختلف المناقشات طوال مراحل التخطيط والتنفيذ. إنّني ممتنّ بعمق لبصيرته ومساهمته.
أتوجه بالشكر أيضًا إلى قادة جماعتي، والمتطوعين، والعديد من الأصدقاء الذين عملوا بجد للوصول بنا إلى هذا اليوم. كما أشكر المتطوعين العديدين الذين سيحافظ وقتهم واهتمامهم على استمرارية عمل المركز في المستقبل.
أخيرًا، أعبّر عن تقديري العميق للكرم الرائع الذي أبداه المتبرعون الداعمون هنا في الولايات المتحدة ومن مختلف أنحاء العالم، فلولاهم لما كان بناء هذا المركز ممكنًا.
وفي الختام، يسعدني أن أقول كم أنا سعيد مرة أخرى بافتتاح هذا المبنى الجميل وكل ما يمثله ــ سواء في شكله المادي أو في المُثُل والقيم التي يجسدها. إنها أمنيتي الصادقة أن نحقق معًا إمكاناته في السنوات القادمة.
شكرًا لكم.